فصل: أحاديث الأمر بالمضمضة والاستنشاق

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **


 أحاديث الأمر بالمضمضة والاستنشاق

- قال في ‏"‏الإمام‏:‏ قال ابن عبد البر‏:‏ أما لفظ الاستنشاق فلا يكاد يوجد الأمر به إلا في رواية همام عن أبي هريرة عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال‏:‏ إذا توضأ أحدكم فليستنشق بمنخريه من الماء، ثم لينتثر‏"‏ أخرجه مسلم‏.‏ وفي حديث لقيط بن صبرة، قال له النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق، إلا أن تكون صائمًا، أخرجه الأربعة في ‏"‏سننهم‏"‏ قال الترمذي‏:‏ حديث حسن صحيح، وأخرجه ابن خزيمة‏.‏ وابن حبان في ‏"‏صحيحهما‏"‏‏.‏ والحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏ ‏[‏ص 147 - ج 1 وكذا البيهقي في ‏"‏الكبرى‏"‏ ص 50 - ج 1‏]‏ ي رواية لأبي داود عن لقيط بهذا الحديث‏:‏ إذا توضأت فمضمض، انتهى‏.‏ ورواه أبو البشر الدولابي في ‏"‏جزء جمعه من أحاديث سفيان الثوري‏"‏ فذكر فيه المضمضة‏.‏ والاستنشاق، فقال‏:‏ حدثنا محمد بن بشار ثنا عبد الرحمن ابن مهدي ثنا سفيان الثوري عن أبي هاشم إسماعيل بن كثير بن عاصم بن لقيط عن أبيه لقيط بن صبرة مرفوعًا‏:‏ ‏"‏أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في المضمضة والاستنشاق، إلا أن تكون صائما‏"‏، انتهى‏.‏ وذكره ابن القطان في كتابه الوهم والإيهام‏"‏ بسنده المذكور، ثم قال‏:‏ وهذا سند صحيح‏.‏ وابن مهدي أحفظ من وكيع، فإن وكيعًا ‏[‏قلت‏:‏ وأخرجه البيهقي‏:‏ ص 50 - ج 1 من طريق محمد بن كثير عن سفيان بسنده، ولم يذكر المضمضة أيضًا، وقد تابع وكيعًا، وحديث وكيع، عند النسائي ص 27 - ج 1‏]‏ رواه عن الثوري، لم يذكر فيه المضمضة، انتهى كلامه‏.‏

- وحديث آخر‏:‏ أخرجه البيهقي في ‏"‏سننه‏"‏ عن هدبة بن خالد عن حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن أبي هريرة أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أمر بالمضمضة والاستنشاق، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ رواه مرة أخرى، فأرسله، لم يقل فيه‏:‏ عن أبي هريرة، وأظن هدبة أرسله مرة، ووصله أخرى، وتابعه داود بن المحبر عن حماد فوصله‏.‏ وخافهما - إبراهيم بن سليمان الخلال، شيخ ليعقوب بن سفيان - فقال‏:‏ عن حماد عن عمار عن ابن عباس - بدل أبي هريرة ‏[‏قلت عبارة البيهقي في النسخة المطبوعة‏:‏ ص 52 - ج 1 بعد قوله‏:‏ عن ابن عباس، هكذا، وكلاهما غير محفوظ، اهـ‏]‏ - ولم يثبت، ثم أخرج عن عصام بن يوسف ثنا عبد اللّه بن المبارك عن ابن جريح عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏"‏المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لا بد منه‏"‏‏.‏ وفي لفظ‏:‏ ‏"‏من الوضوء الذي لا يتم الصلاة إلا به‏"‏ ثم أسند عن الدارقطني ‏[‏ص 36‏]‏ أنه قال‏:‏ تفرد به عصام ووهم فيه، والصواب عن ابن جريح عن سليمان ابن موسى مرسلًا عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، ثم أخرجه الدارقطني كذلك، قال‏:‏ والمرسل أصح، هكذا رواه السفيانان وغيرهم ‏[‏كذا في الأصول، والصحيح‏:‏ وغيرهما‏]‏ انتهى كلامه ‏[‏قلت‏:‏ وتمامة هكذا‏:‏ رواه محمد ابن الأزهر الجوزجاني عن الفضل بن موسى الشيباني عن ابن جريح بإسناد عاصم ومتن الجماعة‏.‏ قال علي بن عمر‏:‏ محمد بن الأزهر هذا ضعيف، وهذا خطأ، والمرسل أصح، واللّه أعلم‏]‏‏.‏

- الحديث السابع‏:‏ حكى عن وضوء رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏

- أنه تمضمض واستنشق ثلاثًا ثلاثًا أخذ في كل مرة ماءًا جديدًا، قلت‏:‏ رواه الطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا شيبان بن فروخ ثنا أبو سلمة الكندي ثنا ليث بن أبي سليم، حدثني طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده كعب بن عمرو اليمامي أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ توضأ فمضمض ‏[‏في حديث ابن عباس عند أحمد‏:‏ ص 369 - ج 1 فمضمض ثلاثاُ واستنشق ثلاثًا‏]‏ ثلاثاُ واستنشق ثلاثاُ، يأخذ لكل واحدة ماءًا جديدًا، وغسل وجهه ثلاثاُ، فلما مسح رأسه قال‏:‏ ‏"‏هكذا‏"‏، وأومأ بيده من مقدم رأسه حتى بلغ بهما إلى أسفل عنقه من قِبَل قفاه، انتهى‏.‏

والحديث رواه أبو داود ‏[‏تقدم تخريجه‏]‏ في ‏"‏سننه‏"‏، لكنه ليس صريحًا في المقصود، وبوَّب عليه ‏"‏باب الفرق بين المضمضة والاستنشاق‏"‏ ثم أسند عن ليث عن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده قال‏:‏ دخلت على النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ وهو يتوضأ والماء يسيل من وجهه ولحيته على صدره، فرأيته يفصل بين المضمضة والاستنشاق، انتهى‏.‏ وسكت ‏[‏لكنه قال في صفة وضوئه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ص 19 قال أبو داود‏:‏ وسمعت أحمد يقول‏:‏ إن ابن عيينة زعموا أنه كان ينكره ويقول‏:‏ أيش هذا طلحة عن أبيه عن جده اهـ‏؟‏‏!‏‏.‏‏]‏ عنه أبو داود، ثم المنذري بعده في ‏"‏المختصر‏"‏، وفي ‏"‏المحيط‏"‏ من كتب أصحابنا، قال‏:‏ هكذا حكاه علي، وعثمان من وضوء النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وكذلك نقله الغزالي في ‏"‏الوسيط‏"‏، وتعقبه ابن الصلاح في ‏"‏مشكلات الوسيط‏"‏ فقال‏:‏ وهذا لا يعرف عن عليّ ولا عثمان، بل عن عليّ خلافه أنه عليه السلام تمضمض واستنشق بماء واحد، رواه أبو داود، وإنما احتج القائلون بالفصل بين المضمضة والاستنشاق بحديث طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده، فذكره بلفظ أبي داود، انتهى‏.‏ وقال البيهقي في ‏"‏سننه‏"‏‏:‏ أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا عباس بن محمد الدوري، قال‏:‏ قلت ليحيى بن معين‏:‏ طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده رأى جده النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏؟‏ فقال يحيى‏:‏ المحدثون يقولون‏:‏ إنه رآه ‏[‏وفي ‏"‏س‏"‏ رأى‏]‏، وأهل بيت طلحة يقولون‏:‏ ليست له صحبة، وقال في ‏"‏المعرفة‏"‏‏:‏ كان عبد الرحمن بن مهدي يقول‏:‏ جده اسمه عمرو بن كعب، وله صحبة، انتهى‏.‏ قلت‏:‏ ويدّلّ على أنه رأى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ما رواه ابن سعد في ‏"‏الطبقات‏"‏ ‏[‏ص 39 - ج 6‏]‏ أخبرنا يزيد بن هارون عن عثمان بن مقسم البري عن ليث عن طلحة بن مصرف الأيامي عن أبيه عن جده قال‏:‏ رأيت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يمسح رأسه ‏"‏هكذا‏"‏ ووصف، فمسح مقدم رأسه وجر يديه إلى قفاه، انتهى بحروفه‏.‏

- الحديث الثامن‏:‏ قال عليه السلام‏:‏

- ‏"‏الأذنان من الرأس‏"‏

قلت‏:‏ روي من حديث أبي أمامة‏.‏ وعبد اللّه بن زيد‏.‏ وابن عباس‏.‏ وأبي موسى‏.‏ وأنس‏.‏ وابن عمر‏.‏ وعائشة‏.‏

- فحديث أبي أمامة رواه أبو داود‏.‏ والترمذي‏.‏ وابن ماجه ‏[‏وأحمد‏:‏ ص 268 - ج 5‏]‏ من حديث حماد بن زيد عن سنان بن ربيعة عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة، قال‏:‏ توضأ النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فغسل وجهه ثلاثًا ويديه ثلاثًا ومسح برأسه، وقال‏:‏ ‏"‏الأذنان من الرأس‏"‏ انتهى‏.‏ ولفظ ابن ماجه قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏الأذنان من الرأس‏"‏

وكان يمسح رأسه مرة وكان يمسح الماقين، انتهى‏.‏ قال أبو داود ‏[‏ص 19‏]‏‏.‏ والترمذي‏:‏ قال قتيبة‏:‏ قال حماد‏:‏ لا أدري هذا من قول النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أو من قول أبي أمامة ‏"‏يعني حديث الأذنين‏"‏‏.‏ وقال الترمذي‏:‏ حديث ليس إسناده بذاك القائم، ورواه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏ص 38‏]‏ وقال‏:‏ رفعه وَهم، وشهر بن حوشب ليس بالقوي، وقد وقفه ‏[‏رجح وقفه أبو حاتم وأبو زرعة، راجع العلل‏:‏ ص 53‏]‏ سليمان بن حرب وهو ثقة، ثم أخرجه عن سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد به، وفيه‏:‏ وقال أبو أمامة‏:‏ ‏"‏الأذنان من الرأس‏"‏ ورواه الطحاوي في ‏"‏شرح الآثار‏"‏ بالإسناد الأوَّل أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ توضأ فمسح أذنيه مع الرأس، وقال‏:‏ ‏"‏الأذنان من الرأس‏"‏، انتهى‏.‏ وقال ابن دقيق العيد في الإمام‏:‏ وهذا الحديث معلول بوجهين‏:‏ أحدهما‏:‏ الكلام في شهر ‏[‏لقد أحسن القول في شهر أئمة الحديث، راجع له عون المعبود ص 378 - ج 3‏]‏ بن حوشب‏.‏ والثاني‏:‏ الشك في رفعه، ولكن شهر وثقه أحمد‏.‏ ويحيى‏.‏ والعجلي‏.‏ ويعقوب بن شيبة‏.‏ وسنان بن ربيعة أخرج له البخاري، وهو وإن كان قد لين فقال ابن عدي‏:‏ أرجو أنه لا بأس به‏.‏ وقال ابن معين‏:‏ ليس بالقوي، فالحديث عندنا حسن، واللّه أعلم، انتهى كلامه‏.‏ وقال ابن القطان في ‏"‏كتاب الوهم والإيهام‏"‏‏:‏ شهر بن حوشب ضعفه قوم ووثقه آخرون، وممن وثقه ابن حنبل‏.‏ وابن معين‏.‏ وقال أبو زرعة‏:‏ لا بأس به، وقال أبو حاتم‏:‏ ليس هو بدون أبي الزبير، وغير هؤلاء يضعفه، قال‏:‏ لا أعرف لمضعفه حجة، وأما ما ذكروه عنه من تزيِّيه بزي الجند وسماعه الغناء بالآلات وأخذه الخريطة من المغنم، فهو إما أنه لا يصح عنه، وإما أنه خارج على مخرج لا يضره، وخبر الخريطة إنما هو لقول شاعر كذب عليه، حكى ‏[‏أسنده البيهقي في سننه‏:‏ ص 66 - ج 1 عن شعبة‏]‏ أن شهر بن حوشب كان على بيت المال، فأخذ خريطة فيها دراهم، فقال فيه الشاعر‏:‏

لقد باع شهر دينه بخريطة * فمن يأمن القراء بعدك يا شهر

انتهى كلامه‏.‏ قلت‏:‏ وقد صحح الترمذي في ‏"‏كتابه‏"‏ حديث شهر بن حوشب عن أم سلمة أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لف على الحسن والحسين وعليّ وفاطمة كساءًا، وقال‏:‏ هؤلاء أهل بيتي‏"‏، ثم قال‏:‏ هذا حديث حسن صحيح، انتهى‏.‏ وقال البيهقي في سننه‏:‏ حديث ‏"‏الأذنان من الرأس‏"‏ أشهر إسناد ‏[‏كذا في الأصول، والأنسب نصب ‏"‏إسناد على التمييز‏]‏ فيه حديث حماد بن زيد عن سنان بن ربيعة عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة، وكان حماد يشك في رفعه في رواية قتيبة عنه فيقول‏:‏ لا أدري من قول النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أو من قول أبي أمامة، وكان سليمان بن حرب يرويه عن حماد، ويقول‏:‏ هو من قول أبي أمامة، انتهى‏.‏ قلت‏:‏ قد اختلف فيه على حماد، فوقفه ابن حرب عنه، ورفعه أبو الربيع، واختلف أيضًا على مسدد عن حماد، فروى عنه الرفع، وروى عنه الوقف، وإذا رفع ثقة حديثًا، ووقفه آخر، أو فعلهما شخص واحد في وقتين ترجح الرافع، لأنه أتى بزيادة، ويجوز أن يسمع الرجل حديثًا، فيفتي به في وقت ويرفعه في وقت آخر، وهذا أوْلى من تغليظ الراوي، واللّه أعلم‏.‏

- وأما حديث عبد اللّه بن زيد، فأخرجه ابن ماجه ‏[‏ص 35‏]‏ في ‏"‏سننه‏"‏ عن سويد بن سعيد ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن شعبة عن حبيب بن زيد بن عباد بن تميم عن عبد اللّه بن زيد قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏الأذنان من الرأس‏"‏، انتهى، وهذا أمثل إسناد في الباب لاتصاله وثقة رواته، فابن أبي زائدة‏.‏ وشعبة‏.‏ وعباد احتج بهما الشيخان، وحبيب ذكره ابن حبان في الثقات في أتباع التابعين، وسويد بن سعيد ‏[‏وفي الدراية‏:‏ ص 17 قد اختلط‏]‏ احتج به مسلم، واللّه أعلم‏.‏

- وأما حديث ابن عباس، فأخرجه الدارقطني ‏[‏ص 36‏]‏ عن أبي كامل الجحدري ثنا غندر محمد بن جعفر عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏"‏الأذنان من الرأس‏"‏، انتهى‏.‏ قال ابن القطان‏"‏ إسناده صحيح لاتصاله وثقة رواته، قال‏:‏ وأعله الدارقطني بالاضطراب في إسناده، وقال‏:‏ إن إسناده وهم، وإنما هو مرسل، ثم أخرجه عن ابن جريح عن سليمان بن موسى عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ مرسلًا، وتبعه عبد الحق في ذلك، وقال‏:‏ إن ابن جريح الذي دار الحديث عليه يروى عنه عن سليمان بن موسى عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ مرسلًا، قال‏:‏ وهذا ليس يقدح فيه، وما يمنع أن يكون فيه حديثان‏:‏ مسند‏.‏ ومرسل، انتهى‏.‏ فانظر كيف أعرض البيهقي عن حديث عبد اللّه بن زيد‏.‏ وحديث ابن عباس هذين، واشتغل بحديث أبي امامة، وزعم ان إسناده أشهر إسناد لهذا الحديث، وترك هذين الحديثين، وهما أمثل منه‏؟‏‏!‏ ومن هنا يظهر تحامله، واللّه أعلم‏.‏

- وأما حديث أبي هريرة، فرواه ابن ماجه ‏[‏ص 35‏]‏ في سننه حدثنا محمد بن يحيى ثنا عمرو ابن الحصين ثنا محمد بن عبد اللّه بن علاثة عن عبد الكريم الجزري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏:‏ ‏"‏الأذنان من الرأس‏"‏، انتهى، وأخرجه الدارقطني ‏[‏ص 37‏]‏ في ‏"‏ سننه‏"‏، ثم قال‏:‏ عمرو بن الحصين‏.‏ وابن علاثة ضعيفان‏.‏ ثم أخرجه عن البختري بن عبيدة عن أبيه عن أبي هريرة قال‏:‏ والبختري ضعيف، وأبوه مجهول‏.‏ ثم أخرجه عن عليّ ‏[‏هذه الطريقة مقدمة في ترتيب الدارقطني على ما قبلها‏]‏ بن هاشم عن إسماعيل بن مسلم المكي عن عطاء عن أبي هريرة، وقال‏:‏ وإسماعيل بن مسلم ضعيف، انتهى، ورواه ابن حبان في كتاب الضعفاء بهذا الإِسناد، وأعله بعلي بن هاشم، وقال‏:‏ إنه كان غاليًا في التشيع منكر ضعيف الحديث مع ما يقلب من الأسانيد، انتهى‏.‏

- وأما حديث أبي موسى، فرواه الدارقطني ‏[‏ص 38‏]‏ في ‏"‏سننه‏"‏، والطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏ من حديث أشعث بن سوار عن الحسن عن أبي موسى مرفوعًا نحوه، قال الدارقطني‏:‏ والحسن لم يسمع من أبي موسى، والصواب موقوف، ثم أخرجه موقوفًا، ورواه العقيلي في كتابه، وأعله بأشعث، وقال‏:‏ ضعيف، ولا يتابع عليه، ومشاه ابن عدي، فقال‏:‏ لم أجد له حديثًا منكرًا، ولكنه يخالف في بعض أحاديثه، وغيره يروي هذا الحديث موقوفًا‏.‏ وبالجملة فهو ممن يكتب حديثه، انتهى‏.‏

- وأما حديث ابن عمر، فرواه الدارقطني ‏[‏ص 36‏]‏ من طرق‏:‏ أحدها‏:‏ عن أسامة بن زيد عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا، وقال‏:‏ وهذا وهم، والصواب عن أسامة بن زيد عن هلال بن أسامة الفهري عن ابن عمر موقوفًا، ثم أخرجه كذلك‏.‏ الثانية‏:‏ عن القاسم بن يحيى بن يونس البزاز، ثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن نافع بن عمر، قال‏:‏ والقاسم بن يحيى هذا ضعيف، وصوابه موقوف‏.‏ الثالثة‏:‏ عن عبد الرزاق عن عبيد اللّه عن نافع ابن عمر، قال‏:‏ وهذا وهم من وجهين‏:‏ أحدهما‏:‏ قوله‏:‏ عبيد اللّه‏.‏ والثاني‏:‏ رفعه، وإنما رواه عبد الرزاق عن عبد اللّه ‏[‏هو أخو عبيد اللّه بن عمر‏]‏ ابن عمر عن نافع عن ابن عمر موقوفًا، ثم أخرجه كذلك‏.‏ الرابعة‏:‏ عن محمد بن الفضل عن زيد العمّى عن مجاهد عن ابن عمر، قال‏:‏ ومحمد ‏[‏هو ابن علية‏]‏ بن الفضل متروك، انتهى‏.‏

- وأما حديث أنس، فأخرجه الدارقطني ‏[‏ص 37‏]‏ عن عفان بن سيار ثنا عبد الحكم عن أنس بن مالك مرفوعًا نحوه، ثم قال‏:‏ وعبد الحكم لا يحتج به، انتهى‏.‏

- و أما حديث عائشة، فأخرجه الدارقطني أيضًا عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعًا نحوه، قال‏:‏ والمرسل أصح ‏"‏يعني عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏"‏، كما تقدم، قلت‏:‏ وفي سنده محمد بن الأزهر كذبه أحمد بن حنبل، وضعفه الدارقطني‏.‏

- ولأصحابنا أحاديث من فعله عليه السلام‏:‏ فأمثلها حديث أخرجه النسائي ‏[‏ص 29‏]‏ عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس، قال‏:‏ توضأ رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فغرف غَرفة فتمضمض واستنشق، ثم غرف غَرفة فغسل وجهه، ثم غرف غَرفة فغسل يده اليمنى، ثم غرف غَرفة فغسل يده اليسرى، ثم مسح برأسه وأذنيه باطنهما بالسباحتين ‏[‏كذا في الأصول، والنسائي ‏"‏السبابتين‏"‏‏.‏

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 1‏)‏‏:‏ - الحديث الثامن‏:‏ قال عليه السلام‏:‏‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ وظاهرهما بإبهامه، ثم غرف غَرفة فغسل رجله اليمنى، ثم غرف غَرفة فغسل رجله اليسرى، انتهى‏.‏ ورواه ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ والحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏، ولفظهما قال‏:‏ ألا أخبركم بوضوء رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏؟‏ فذكره، وفيه‏:‏ ثم غرف غَرفة فمسح بها رأسه وأذنيه، قال في الإمام‏:‏ وأخرجه ابن خزيمة‏.‏ وابن مندة في صحيحيهما، انتهى‏.‏ ورواه البيهقي في سننه في آخر ‏"‏باب مسح الرأس‏"‏، ولفظه فيه قال‏:‏ ثم قبض قبضة من الماء فنفض يده، ثم مسح بها رأسه وأذنيه، وهذا الحديث رواه البخاري في ‏"‏صحيحه‏"‏ لكنه لم يذكر فيه مسح الأذنين‏.‏ فلذلك بوَّب عليه النسائي ‏"‏باب مسح الأذنين مع الرأس، وما يدل على أنهما من الرأس‏"‏ انتهى‏.‏ وأخرجه أبو داود ‏[‏في ‏"‏باب صفة الوضوء‏"‏ ص 19‏]‏ في ‏"‏سننه‏"‏ عن عباد بن منصور عن عكرمة بن خالد عن سعيد بن منصور عن ابن عباس أنه رأى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يتوضأ، فذكر الحديث كله ثلاثًا ثلاثاُ، وقال فيه‏:‏ ومسح برأسه وأذنيه مسحة واحدة، انتهى‏.‏ إلا أن عباد بن منصور فيه شيء‏.‏

- حديث آخر أخرجه أبو داود ‏[‏ص 19 والدارقطني‏:‏ ص 39‏]‏ أيضًا عن عبد اللّه بن محمد بن عقيل أن الربيع بنت معوذ بن عفراء أخبرته أنها رأت رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يتوضأ، قالت‏:‏ فمسح رأسه ‏[‏أخرجه ابن أبي شيبة‏:‏ ص 7، وفيه مسح برأسه بدأ بمؤخره‏]‏ ما أقبل منه وما أدبر وصدغيه وأذنيه مرة واحدة، انتهى‏.‏ ورواه الطبراني في ‏"‏معجمه‏"‏، ولفظه فيه‏:‏ ومسح أذنيه مع مؤخر رأسه، إلا أن ابن عقيل ‏[‏صدوق في حديثه لين، ويقال‏:‏ تغير بآخره ‏"‏تقريب‏"‏‏.‏‏]‏ أيضًا فيه شيء، واللّه أعلم‏.‏

- حديث آخر استدل به عبد البر في ‏"‏كتاب التمهيد‏"‏ لأبي حنيفة، رواه مالك في ‏"‏الموطأ‏"‏ عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد اللّه الصنابحي أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال‏:‏ إذا توضأ العبد المؤمن فمضمض ‏[‏في ‏"‏س‏"‏ فتمضمض‏]‏ خرجت الخطايا من فيهِ‏"‏ وذكر الحديث، وفيه‏:‏ ‏"‏فإذا مسح رأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه‏"‏ إلى آخره، كما قال في الوجه‏:‏ ‏"‏من أشفار عينيه‏"‏ وفي اليدين‏:‏ ‏"‏من تحت أظفاره‏"‏‏.‏ انتهى‏.‏ ومن طريق مالك رواه النسائي ‏[‏ص 2‏]‏ ‏.‏ وابن ماجه، قال عبد الحق في أحكامه‏:‏ وعبد اللّه الصنابحي‏:‏ لم يلق ‏[‏في البخاري في ‏"‏أواخر المغازي‏"‏‏:‏ ص 642 بسنده عن أبي الخير عن الصنابحي أنه قال له‏:‏ متى هاجرت‏؟‏ قال‏:‏ خرجنا من اليمن مهاجرين، فقدمنا الجحفة، فأقبل راكب، فقلت له‏:‏ الخبر الخبر‏!‏‏!‏ فقال‏:‏ دفنا النبي صلى اللّه عليه وسلم منذ خمس، اهـ‏.‏‏)‏‏]‏ النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، ويقال‏:‏ أبو عبد اللّه، وهو الصواب، واسمه عبد الرحمن بن عسيلة، انتهى‏.‏

- حديث تجديد الماء للأذنين‏:‏ رواه الحاكم ‏[‏ص 51‏]‏ في ‏"‏المستدرك‏"‏ من حديث حبان بن واسع أن أباه سمع عبد اللّه بن زيد يذكر أنه رأى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ يتوضأ فأخذ لأذنيه ماءًا خلاف الماء الذي أخذه لرأسه، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ حديث صحيح ‏[‏قلت‏:‏ أخرجه الحاكم ص 151 - ج 1، وقال‏:‏ هذا حديث على شرط الشيخين إذا سلم من ابن أبي عبيد اللّه هذا، فقد احتجا جميعًا لجميع رواته اهـ‏]‏ على شرط مسلم، انتهى‏.‏ وعن الحاكم رواه البيهقي في ‏"‏سننه‏"‏ بسنده ومتنه، ثم قال‏:‏ إسناده صحيح، انتهى‏.‏ وذكره ابن الحق في ‏"‏أحكامه‏"‏، وقال‏:‏ هذا حديث رواه الحاكم في ‏"‏كتابه علوم الحديث‏"‏، هذا عجز منه وتقصير، فقد رواه في ‏"‏المستدرك‏"‏ وصححه كما ذكرناه، واللّه أعلم، قال عبد الحق‏:‏ وقد ورد الأمر بتجديد الماء للأذنين من حديث نمران بن جارية عن أبيه عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وهو إسناد ضعيف، انتهى‏.‏ وتعقبه ابن القطان في ‏"‏كتابه الوهم والإيهام، وقال‏:‏ إن هذا حديث لا يوجد أصلًا لا بسند ضعيف ولا بصحيح، قال‏:‏ وهو لم يعزه إلى موضع فيتحاكم إليه، قال‏:‏ وكأنه اختلط عليه بحديث نمران بن جارية ‏[‏كذا في ‏"‏الدراية، والتقريب، وس‏]‏ عن أبيه جارية بن ظفر أنَّ رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏"‏خذوا للرأس ماءًا جديدًا ‏[‏في ‏"‏الدراية‏"‏‏:‏ ص 7 قلت‏:‏ هو في الطبراني كذلك،اهـ‏.‏‏]‏ ٍ‏"‏‏.‏ وأمَّا الأمر بتجديد الماء للأذنين فلا وجود له في علمي، انتهى‏.‏ وحديث نمران الذي أشار إليه ابن القطان رواه الطبراني ‏[‏أخرج الطبراني في الصغير‏:‏ ص 64 حديث أنس بطوله، وفيه‏:‏ فأخذ ماءًا جديدًا لصماخه فمسح صماخه، فقلت ‏"‏أي لأنس‏"‏‏:‏ فقد مسحت أذنيك، فقال‏:‏ يا غلام إنهما من الرأس وليس هما من الوجه، ثم قال‏:‏ هكذا رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يتوضأ اهـ، قال الهيثمي‏:‏ في الزوائد‏:‏ ص 235، قال الذهبي‏:‏ عمر بن أبان لا يدري من هو قلت‏:‏ ذكره ابن حبان في الثقات اهـ، قلت‏:‏ فيه جعفر شيخ الطبراني يحتاج إلى كشف حاله‏]‏ في ‏"‏معجمه‏"‏، حدثنا محمد بن عبد اللّه الحضرمي ثنا أبو الربيع الزهراني ثنا أسد بن عمرو عن دهثم عن نمران بن جارية بن ظفر الحنفي عن أبيه فذكره‏.‏

- حديث آخر رواه مالك في الموطأ ‏[‏ص 11‏]‏ من رواية يحيى بن نكير عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا توضأ يأخذ الماء بإصبعيه لأذنيه، انتهى‏.‏ ومن طريق مالك رواه البيهقي، ولفظه‏:‏ كان يعيد إصبعيه في الماء فيمسح بهما أذنيه، انتهى‏.‏ وما ذهب إليه أصحابنا أوْلى لكثرة رواته وتعدد طرقه، والتجديد إنما وقع بيانًا للجواز‏.‏

ومما استدل به على أن الأذنين من الوجه حديث عليّ أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ كان إذا قام إلى الصلاة قال‏:‏ ‏"‏وجهت وجهي‏"‏ إلى آخره‏.‏ وفيه ‏"‏سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره‏"‏ أخرجه مسلم، وأخرجه أصحاب السنن عن عائشة أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ كان يقول في سجود القرآن ‏"‏سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره‏"‏ زاد الحاكم ‏[‏ص 22‏]‏ ‏"‏فتبارك اللّه أحسن الخالقين‏"‏ وقال‏:‏ هذه ‏[‏قلت‏:‏ لفظ الحاكم ص 22، هذا على شرط الشيخين ولم يخرجاه اهـ‏]‏ الزيادة صحيحة على شرط الشيخين، وبهذا الحديث‏.‏ وحديث الأذنان من الرأس عمل ابن شريح وكان يغسلهما مع الوجه ويمسحهما مع الرأس، فيجعل ما أقبل منهما من الوجه وما أدبر من الرأس‏.‏

- حديث في صفة مسحهما، روى ابن ماجه ‏[‏ص 35، وفيه حديث ربيع عند أبي داود‏:‏ ص 19‏]‏ في ‏"‏سننه‏"‏ أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة عن عبد اللّه بن إدريس عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ مسح أذنيه فأدخلهما السبابتين وخالف إبهاميه إلى ظاهر أذنيه فمسح ظاهرهما وباطنهما، انتهى‏.‏ قال في الإمام‏:‏ وهذا إسناد صحيح، انتهى‏.‏ وتقدم قريبًا من حديث ابن عباس، ثم مسح برأسه وأذنيه باطنهما بالسباحتين ‏[‏وفي نسخة‏:‏ ‏"‏السبابتين‏]‏ وظاهرهما بإبهاميه، رواه النسائي‏.‏

-